..فيا أيها الناس، اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أنعم به على عباده؛ حيث أرسل
إليهم الرسل وأنزلَ إليهم الكتب لنشرِ الحق بين الخلق؛ فإن العقل البشري
لا يمكن أن يهتدي إلى معرفة الخالق تفصيلاً، ولا يمكن أن يتعبّد لله بما لا
يدركه علمًا وتحصيلاً، ولا يمكنه أن يُعامل عباد الله تعالى بالعدل التام
إلا بطريق الوحي الذي بيّن الله به عن نفسه أسماءً وصفاتٍ وأحكامًا يهتدي
بها العباد إلى عبادته ويهتدون بها إلى طريق المعاملة بينهم، فكانت الرسل -
عليهم الصلاة والسلام - مبيِّنين لعبادة الخلاق داعين إلى مكارم الأخلاق،
وكانت حاجة الخلق إلى ما جاؤوا به أشد من حاجتهم إلى الهواء واللباس والأمن
والطعام والشراب، وكانت منَّةُ الله على عباده بإرسال الرسل أعظم منّة،
أَلَمْ تقرؤوا قول الله عزَّ وجل: ']لَقَدْ
مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ
أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ
الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ
مُبِينٍ]