الفصل الثاني: المصطلحات الشائعة.
في هذا الفصل نتعرف على المصطلحات الأساسية في الطب
النفسي وذلك قبل الكلام عن الأمراض النفسية سواء كانت عُصابات أم كانت
نُفاسات.
(1) القلق (ANXIETY):
شعور بالخوف والتوجس، قد يكون مرضا قائما بذاته كما
في عُصاب القلق وقد يكون جزءً من مرض كما في عُصاب الاكتئاب، وقد يكون
الخوف من معلوم كما هو حال الخوف من الأجهزة الأمنية في دول العالم
الثالث وقد يكون الخوف من مجهول كما هو الحال في خوف الناس على
مستقبلهم أو مستقبل أولادهم في دول العالم الثالث أيضا، وقد يشعر
الأصحاء بالقلق والخوف حين مواجهة شدة (STRESS) أو كرب كما هو الحال في
الامتحانات عند الطلاب، لكن لا يوصف القلق بأنه مرض إلا إذا تخلل
الحياة العقلية للفرد.
(2) الاكتئاب (DEPRESSION):
اضطراب مزاج مرضي يشبه الحزن والأسى حيث تسيطر
التعاسة والشقاء والحزن على مزاج المريض، وقد يكون الاكتئاب خارجي
المنشأ (تفاعلي) عندما يُعزى إلى سبب ظاهر، وقد يكون داخلي المنشأ
عندما يبدو على نحو غير متوقع، ويترافق الاكتئاب مع اضطراب مميَّز في
النوم والقدرة والتفكير.
(3) الخرف أو العته الشيخي (DEMENTIA):
تأذي فكري مترقي وغير عكوس، وهو ينتج عن مرض دماغي
عضوي، يحصل في الأعمار المتقدمة وقد يحصل بشكل باكر عند الكحوليين
عندما يُفرطون في تناول الكحول، والعرض الثابت فيه هو اضطراب الذاكرة
وخاصة الذاكرة القريبة.
(4) الهذيان (DELIRIUM):
حالة عقلية عضوية يتشارك فيها تبدل الوعي مع زيادة
الفاعلية النفسية الجسدية والأهلاس والتوهان، والهذيان ليس حالة مرضية
مستقلة بل هو جزء أساسي من الأمراض النفسية الكبيرة والتي تُسمى
النُفاسات كالفصام والاكتئاب الكبير والهوس، وفي الهذيان نجد عند
المريض فكرة ثابتة غير خاضعة النقاش والإقناع ولا تتفق مع ثقافة وحضارة
المريض، والهذيانات أنواع: فهناك الهذيانات الأولية أو الثانوية، وهناك
الهذيانات الوحيدة أو المركبة، وهناك الهذيانات الكاملة أو الجزئية،
فالهذيان الذاكري هو هذيان متعلق بحادثة ماضية عندما حصلت كانت طبيعية
ولكن فيما بعد يحدث التذكر الهذياني، وفي الهذيان الإحساسي يوجد فهم
ليس له أساس من الصحة في تفسير المرئيات والبصريات، وفي الهذيان
المزاجي يصطبغ الهذيان بطابع المزاج فإن كان المزاج حزينا كان الهذيان
حزينا وإن كان المزاج سعيدا كان الهذيان سعيدا، وكل نوع من الهذيانات
يشاهد أكثر في نوع من الأمراض: فالهذيانات الاضطهادية أكثر ما تشاهد في
الفصام كما قد تشاهد في الهوس، وهذيانات العظمة أكثر ما تشاهد في الهوس
كما قد تشاهد في الفصام، وهذيانات الغيرة تشاهد في الكحولية، وهذيانات
العدم تشاهد في الاكتئاب، وهذيانات التأثير في الأفكار تشاهد في الفصام
كزرع أو سحب أو إذاعة أو قراءة الأفكار، والهذيانات الازدواجية تشاهد
في الحرمان مثل أن يقول المريض الذي حُرِم من أُمِّه عن أمه: هذه ليست
أمي ولكنها شبيهة بأمي.
(5) تبدد الشخصية (DISINTEGRATION):
شعور شخصي بتغيُّر حقيقة الذات، فالمرض يقول عن
نفسه: أنا لم أعد نفسي، أو: أشعر كأني ميت، أو: أشعر أنني غير حقيقي،
أو: أنا مختلف عما كنت، أو: ليتني أستطيع الاستيقاظ. وتبدد الشخصية قد
يكون مرضا قائما بذاته وقد يكون عرضا من مرض حيث يشاهد في الرُهاب
والفصام والاكتئاب، والإنذار لا يدل على حالة حسنة.
(6) تبدد المحيط (DEREALLIZATION):
شعور شخصي بتغيُّر حقيقة المحيط، فالمريض يقول:
يبدو كل شيء حولي غريبا كحلم، أو يقول: لا تبدو الأشياء كما هي،
ويترافق عادة مع تبدد الشخصية، وقد يكون مرضا قائما بذاته وقد يكون
عرضا في مرض فيشاهد في القلق والاكتئاب ووجوده دليل على سوء إنذار
المرض.
(7) الأوهام أو التوهم (DELUSION):
اعتقاد خاطئ لا يتناسب مع شخصية المريض الاجتماعية
والثقافية وهو غير خاضع للإقناع ويصمد في وجه المناقشة المنطقية،
فالمريض يقول مثلا: "كنت أسير في الطريق فشاهدت كلبا فعلمت فورا من
طريقة وقوفه أنني شخص خاص قُدِّر له أن يكون منقذا للبشرية"، والأفكار
التوهمية تبرز على نحو غير متوقع وتحدث على خلفية من المزاج المضطرب
وهي قابلة للتفسير في هذا السياق، فالأفكار التوهمية الشديدة عن الذنب
والإدانة والاضطهاد تكون ثمرة للحالة الاكتئابية التي يعيشها المريض،
والشعور الشاذ بالأهمية يمكن فهمه في سياق حالة الهوس التي يعيشها
المريض حيث يكون فرط ثقة بالنفس وسعادة وفرح ولا مبالاة، وقد فسر أحد
المصابين بالتوهم بناء خارج منزله على أنه سفينة مواصلات على وشك
الإبحار.
( اضطراب الأفكار (IDEAS DISORDER):
إنّ تطاير الأفكار بالانتقال من فكرة إلى أخرى دون
وجود رابط حقيقي بينهما علامة واسمة للهوس وما تحت الهوس، بينما فقر
التفكير وانعدام الأفكار أو انعدام الكلام علامة واسمة للاكتئاب وقد
يوجد في الفصام الجمودي، أما احتباس الأفكار وزرع الأفكار وسحب الأفكار
فهو علامة واسمة للفصام. ومن اضطراب الأفكار حالة تُسمّى أفكار المرجع
حيث يعاني المصاب بهذه الحالة أحداثا ويتلقى أشياء على أنها خاصة به،
مثال ذلك: إحدى المريضات كانت تفسر برامج التلفزيون التي شاهدتها على
أنها تشير إليها وأنها قد أفردت للمراقبة من قبل الشرطة السرية.
(9) الأهلاس أو الهلوسة (HALLUCNATION):
هي اضطراب في الحواس: البصر أو السمع أو الشم أو
الذوق أو اللمس، وتختلف عن الأوهام بوجود الأهلاس مع عدم وجود المنبه
الخارجي بينما في الأوهام يوجد منبه خارجي فيؤدي إلى شعور كاذب بأفكار
معينة، فالمريض مثلا يسمع أصواتا تطلب إليه فعل أشياء معينة أو تعلق
على أفعاله أو تتفوه بالفواحش أو تهمس إليه بصمت، والأهلاس نوعان:
نعاسية إذا كانت تحصل للمريض أثناء ذهابه إلى النوم، وطاردة للنوم إذا
كانت تحصل للمريض أثناء الاستيقاظ، والأهلاس السمعية واصمة للفصام
بينما الأهلاس البصرية تحدث في الهذيان والعته والنُفاسات العضوية،
وصيغة الأهلاس مهمة في تشخيص الأمراض حيث نجد الضمير (هو) في أهلاس
الفصام والضمير (أنت) في أهلاس الاكتئاب والهوس، وقد تكون ألهلاس بسيطة
بأن يوجد صوت واحد وغير واضح وقد تكون مركبة بأن يوجد صوت واضح ومحدد
ذكر أو أنثى.
(10) داء المِراق (MALINGEN):
وقد يُسمّى وسواس المرض حيث ينشغل الشخص بمرض
خيالي، يظن أنه مصاب بمرض ويراجع عشرات الأطباء ولا يقتنع بأنه سليم،
والمظاهر المِراقية شائعة في الاكتئاب، ويمكن أن توجد كظاهرة شاذة في
الفصام، وقد يكون المِراق تظاهرة مركزية لمرض الهستريا، وقد يوجد كعرض
في الاكتئاب، ونادرا ما يوجد داء المراق كمرض مستقل بمفرده.
(11) العُصاب والنُفاس (NEUROSIS – PSYCHOSIS):
رغم شيوع هذين التعبيرين فإنهما يفتقدان إلى الدقة
والوضوح، فالأمراض العُصابية هي الحالات التي يكون فيها القلق وتبدل
المزاج الطفيف والحفاظ على الصلة مع الواقع هي القاعدة، ولا يكون
المريض العُصابي إلا عارفا بمرضه وغير فاقد الصلة مع واقعه، أما
الحالات النُفاسية فيفقد المريض فيها الصلة مع الواقع ويكون تبدل
المزاج عميقا ويشيع فيها الأوهام والأهلاس، فهناك فارق في شدة الأعراض
بين الحالتين ولذلك نجد الاكتئاب مع الأمراض العُصابية كما نجده مع
الأمراض النُفاسية.
(12) الوساوس (OBESSIONS):
هي محتويات في الوعي من النوع الكريه والمعاود
يعاني منها المريض ولكنه يقاومها، وقد تتضمن هذه المحتويات كلمات أو
أفكار أو عبارات أو أفعال، فالمريض المصاب بوسواس النظافة يغسل يديه
عشرات المرات ومع ذلك لا يصل إلى مرحلة الاقتناع النفسي، أو يكرر
عبارات عددا محددا من المرات كالرقم تسعة مثلا.
(13) الزورانية (PARANOIA):
تعبير معروف وواسع الانتشار في الطب النفسي ويُساء
استعماله بنفس السعة تقريبا خاصة في المجال السياسي، وهو مشتق من
اليونانية (PARA NOUS) ومعناه غير مفهوم السبب، ويطلق في الطب النفسي
على من يعاني من أوهام الاضطهاد أو يعاني أوهام العظمة، ولا شك أنّ
هناك علاقة بين الاضطهاد والعظمة وهي علاقة متبادلة فأوهام الاضطهاد
تسبب الشعور بالعظمة وكذلك أو هام العظمة تسبب الشعور بالاضطهاد، كما
يطلق في الوصف الاصطلاحي على توهمات ومتلازمات تتصف بالاضطهاد والعظمة
والغيرة والحب والحسد والكره والشرف والخارق للطبيعة والنواميس
والقوانين، والشخص الزوراني يُرجع الأحداث المحيطة به وحتى توافه هذه
الأحداث إلى نفسه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته