عجئة فلسطين
عجئة فلسطين
عجئة فلسطين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


عجئة فلسطين
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 في أدب الأطفال رؤية الحاضر بصيرة المستقبل » الفصل الثاني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو الريم
مشرف
مشرف
ابو الريم


عدد المساهمات : 356
تاريخ التسجيل : 12/02/2012
العمر : 36
الموقع : مشرف

في أدب الأطفال رؤية الحاضر بصيرة المستقبل » الفصل الثاني  Empty
مُساهمةموضوع: في أدب الأطفال رؤية الحاضر بصيرة المستقبل » الفصل الثاني    في أدب الأطفال رؤية الحاضر بصيرة المستقبل » الفصل الثاني  Icon_minitimeالأربعاء فبراير 15, 2012 1:02 am


تنوعت كتب الأطفال في
مجال قصص القرآن، ولا شك أن هذا القصص يشكل مادة غنية لكتّاب أدب الأطفال،
فإنه يعرض نماذج بشرية متعددة في مجال الحياة وفي صراعها الدائم مع الخير
والشر( )، فهو يحوي عناصر تربوية ذات أثر كبير في التأثير عن طريق العبرة
والعظة( )، يقول تعالى في محكم التنـزيل: ((لَقَدْ كَانَ فِى قَصَصِهِمْ
عِبْرَةٌ لاّوْلِى ٱلالْبَـٰبِ)) (يوسف:111)، ومن المهم التأكيد أن هذا
القصص نسيج من الصدق الخالص لا تشوبه شائبة من وهمٍ أو خيال، كله عرض
لحوادث تاريخية مضى بها الزمن، فهو وثيقة تاريخية من أدق ما بين أيدينا من
وثائق( )، قد أنزله الله تعالى ليثبت به فؤاد رسوله : ((وَكُـلاًّ
نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاء ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ
وَجَاءكَ فِى هَـٰذِهِ ٱلْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ))
(هود:120)، وبه يتفكر المسلمون ويهتدون ويثبتون أمام ما يلاقون من محن
وتشريد وعذاب بسـب إيمانهم( )، يقول الله سبحانه وتعالى في هذا الصدد:
((فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)) (الأعراف:176).

لقد ركز القصص على الصفات الخيّرة للأنبياء والرسل ليكون للناس فيهم
أسوة حسنة، فقد أكرمهم الله بالوحي والنبوة والرسالة، كذلك اهتم القصص
بالجانب المادي حتى تكون هناك أسباب وراء عمارة الإنسان للأرض، كما أظهر
عناية خاصة ببيان أسباب الهلاك الذي يصيب الأمم والجماعات والأفراد بتفصيل
عجيب وهو يتحدث عن الكفر والترف والطغيان والظلم والاستبداد( )، فالناس
ينتظمهم وجود تجري عليه سنن الخالق سبحانه وتعالى: ((سُنَّةَ ٱللَّهِ فِى
ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ
تَبْدِيلاً)) (الأحزاب:62) وهذا القصص يكافىء المؤمن ويعاقب الكافر الضال
المستبد الطاغي وفق السنن ذاتها وهو يتحدث عن واقع تاريخي.

لقد استأثر قصص الأنبياء والرسل باهتمام كتّاب أدب الأطفال وناشريه على
حد سواء، فظهرت كتب على شكل سلاسل تحمل عناوين متعددة في قصص القرآن وقصص
الأنبياء والرسل، والمسألة في شأن كتابتها ليست من الكتّاب على اعتبار أنها
مشاريع ضمن خطط تأليفية، وإنما هي على الأغلب شأن النشر وقد دفع من دفع
لكتابتها بناء على دافع تجاري أكثر مما هو دافع ثقافي، فتكون الكتابة في
هذه العملية محاصرة بفترة زمنية محددة، عادة ما تكون قصيرة، فلا تتاح فرص
للإجادة والإتقان، هذا إذا ما ذكرنا النوايا وراء كتابتها، وسألنا ما إذا
كانت رسالتها تصل حقيقة إلى الأولاد.

تلك المسـألة متصـلة بالكاتب وثقافـته وزاده الفكري وقدرته على امـتلاك
الأدوات الحقيقـية للكتابة في هذا المجال، ولا ننسى أمر النوايا على
اعتبار أنه من أهـم الأمـور في مجال التوجه للطفل، وقد يسـأل الكاتب عن
الفرق بـين المصـدر والمرجـع فلا يتمـكن من الإجـابة، وقد يسـأل عن منهـج
الطـبري في كتابة مؤلفـه الضخم في تفسـير القرآن، على سـبيل المثال لا
الحصر، فلا يستطيع الإجابة كذلك، فهـدفه من اللجوء إلى مؤلف الطبري هذا، إن
لجأ إليه في الأصل، هو تدوين الأخبار المتصلة بقصص القرآن، وتمر أمام
عينيه مرويات من الإسرائيليات أو أخبار القصاص وهي تحمل من العجائب
والغرائب والمنكرات الكثير، فيلتقطها ويدونها لأنه يجد فيها ما يثير اهتمام
الطفـل، دون أدنى اعتبار لصحتها، ودون أي تقدير لما تتركه من آثار سلبية
على الطفل.

ويتم المراد وقد ظن الكاتب أن مسألة كتابة هذا القصص سهلة ميسورة، وما
عليه بعد هذا إلا أن يتابع العمل بناء على رغبة النشر، فالعائد المادي قد
تحقق للطرفين، دون أي اكتراث بما في هذه الكتب من مغالطات تترك أثرها
السيىء على أولاد الأمة نتيجة تقبلهم لتلك الروايات التالفة، التي حولت قصص
القرآن إلى أخبار عجيبة تأخذ من الإسرائيليات قدراً، ومن أخبار القصّاص
قدراً، ومن آراء الكتاب أنفسهم قدراً، فيبتعد القصص عن غايته، ويفقد قيمته
في أن يربي ويهذب ويثبّت الإيمان في قلوب وعقول الأولاد.

يقودنا الحديث عن قصص القرآن إلى أمرين مهمين، نتناولهما بشيء من
الإيجـاز خشـية الإطـالة، هما الإسـرائيليات وأخـبار القصّاص، وهما مسألتان
لم يدرك كثير من الكتّاب خطورتهما وهم يدونون صحائف وينقلون أخباراً دون
تمحيص وتدقيق.

1- الإسرائيليات:

الإسرائيليات كلمة جمع مفردها إسرائيلية نسبة إلى بني إسرائيل،
وإسرائيل هو يعقوب عليه السـلام، وتطـلق على ما جـاء في كتب بني إسرائيل
المبدّلة والمحرّفة من التوراة والزبور وأسفار الأنبياء، إضافة إلى شروحها
وشروح التلمود والأساطير والخرافات والأباطيل، وتسمى هذه العهد القديم، كما
تطلق على الأناجيل المحرفة وشروحها وما اتصل بها من أساطير وخرافات وتسمى
بالعهد الجديد( ). وقد أدى اتصال أهل الكتاب بالمسلمين إلى دخول
الإسرائيليات في كتب التفسير، واعتبر من أسلم منهم الواسطـة في حمل ونقل
معـارف أهـل الكتاب إلى المسـلمين بصورة عامة، وقد رويت عنهم الأخبار
الإسرائيلية دون بيان كذبها وبطلانـها( )، ومما هو جدير بالذكر أن نقل
الصحابة، رضي الله عنهم، عن أهل الكتاب كان أقل من نقل التابعين( )، فإنهم،
رضي الله عنهم، كانوا لا يعدلون عما ثبت عن الرسول عليه أفضل الصلاة
والسلام من ذلك إلى سؤال أهل الكتاب( ).

تقسم الإسرائيليات من حيث موافقتها لما في شريعتنا ومخالفتها لها إلى ثلاثة أقسام :

1- ما علمنا صحته مما بأيدينا، مما شهد له بالصدق.

2- ما علمنا كذبه بما عندنا مما يخالفه.

3- ما هو مسكوت عنه، لا نؤمن به ولا نكذبه( ).

وفي كتاب الله العزيز آيات تدعـو الرسـول  والمسـلمين إلى سؤال أهل
الكتاب، فمـن ذلك: ((فَاسْئَلُواْ أَهْلَ ٱلذّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ
تَعْلَمُونَ)) (الأنبياء:7)، وفي الحـديث الصحـيح عن الرسـول عليه أفضـل
الصـلاة والسـلام: « بَلِّغُـوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً، وَحَدِّثُوا عَنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا حَرَجَ، وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا
فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»( ) . ففي هذا جواز سـؤالهم مما
وقع لـهم، لأن فيه عبرة بشرط ألا يكون كذباً، فما علم كذبه فلا( )، وفيه
تنبيه من الرسول  بعدم تصديقهم، فقد يأتون بأمور محرّفة مبدّلة مما لا
يجوز للمسلمين روايتها ونشرها( ).

وقد جاء أناس بعد عصر التابعين اهتموا بالإسرائيليات وأفرطوا في الأخذ
منها، لا سيما القصّاص الذين كانوا يجلسون إلى العامة يستميلون قلوبهم بما
يروونه من أعاجيب تستهويهم( )، وبقيت هذه متداولة في كتب التفسير
والإخباريين، حتى جاء كتّاب عصرنا ليقدموها للناس، وكان منهم بعض كتّاب
أدب الأطفال.

وهكذا دخلت الإسرائيليات حياتنا الثقافية والفكرية، وأصبحت على مسمع ومرأى الكبار والصغار.

2- أخبار القصاص:

تعد أخبار القصاص المصدر الآخر الذي يعتمد عليه الكتّاب في قصص
الأنبياء والرسل، وهي أخبار أدخلها القصاص على ذلك القصص، فأخبارهم مخـتلقة
مصنوعـة مكذوبة تجرأوا على رفعـها زوراً وكذباً إلى الرسـول ، وأوقفوها
على عدد من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين، كما نسـبوا بعضاً منها إلى
المحدثين وشيوخهم، فدخلت في باب الأحاديث الموضوعة( ).

وقد ذكرت الموضوعات في معظم كتب التفسير، وكان كثير منها متصلاً بقصـص
الأنبياء، واسـتمر الناس على تداولهـا حتى وقتنا هذا، وبثّت في كتب معـاصرة
دون اهتمام من كتّابـها بـما أوردوا فيها من سقيم الأخبار ومكذوبها، ثـم
انتقلت بدورها إلى أدب الأطفـال، أما حـكم روايتها فـلا تحل في أي باب من
الأبواب إلا مـقترنة ببيان أنها موضوعة مكذوبة( ).

ما ورد في أدب الأطفال عن القصص والرد عليه لا يتسع المقام لتناول
تفصيلات كثيرة عما ورد في كتب الأطفال عن ذلك القصص، فنكتفي بهذه النماذج
لبيان ما يقرأونه من إسرائيليات وأخبار قصاص.

1- من قصة آدم عليه السلام:

ورد فيها أن آدم عليه السلام كان يطوف السماوات ويمر بالملائكة وعلى
رأسه تاج من ذهب مرصع بالجواهر، وأن إبليس استعان بالحية لإغواء آدم عن
طريق حواء، وأنه هبط في الهند في حين أن حواء هبطت في جدة، وأن الخلاف الذي
وقع بين ابني آدم عليه السلام كان بسبب الأخت الجميلة وما ترتب على ذلك من
قتل الأخ لأخيه( ). هذه تعد من الإسرائيليات( ) وأخبار القصاص( ).

الرد:

إن فكرة تغرير حواء لآدم عليه السلام فكرة دخيلة على الإسلام
والمسلمين، فليس في القرآن والسنة نص يحمّلها تبعة إخراج آدم عليه السلام
وشقاء ذريته من بعده( )، كذلك فإن مقولة إن المرأة كانت وراء قتل الأخ
لأخيه تعزز عند الأطفال فكرة أن المرأة هي أساس شقاء الإنسان، وهذا من
شـأنه أن يحدد علاقتهم بالمرأة ونظرتهم إليها في واقعهم ومستقبلهم، ولا شك
أنه يكون أسـاساً من أسس بناء المستقبل، وما يترتب على هذا من خطر كبير
يفضي إلى الحط من قيمة المرأة وإنكار دورها الفاعل في البناء الحضاري
للأمة، فيزداد تهميشها بدل أن تسهم في البناء، وهي التي أحسن إليها خالقها
فاعتبرها كامل الأهلية ومحلاً للخطاب السماوي والمسؤولية( ).

وفي هذه الأخبار الباطلة تعزيز لما يريد المفسدون في الأرض من غرسه في
نفوس وعقول الناس حتى تضطرب المجتمعات الإسلامية وتبتعد عن دورها المناط
بها. كذلك تعمل أخبار القصّاص من جهتها على إبعاد القارىء عن العبر من قصة
آدم عليه السلام كما وردت في القرآن الكريم، فتجعله شغوفاً بأخبار منكرة لا
أساس لها من الصحة.

2- من قصة إدريس عليه السلام:

ورد في قصته أنه ولد بمصر وسمي هرمس، وقيل إنه سمي إدريس لكثرة درسه،
وقد أنزلت عليه ثلاثون صحيفة، وأنه أول من خط بالقلم، وسخّر الحيوانات
لخدمته، وخاط الثياب، وعمل السيوف والدروع، وعرف حركات الكواكب( ). هذه
أخبار قصّاص( ).

الرد:

لم يذكر خبر صحيح عن تلك الأخبار المتصلة بإدريس عليه السلام، وقد ورد
في القرآن الكريم أنه صدّيق نبي ( )، وفي الصحيح أن النبي  قد قابله في
السماء الرابعة( ).. والمجازفة في أخبار القصّاص تلك أن الأولاد يتلقونها
في كتبهم على أنـها أخبار صحـيحة، فيتم تضليلهم، ولا يستطيعون التمييز بين
الصحيح من غيره.

3- من قصة نوح عليه السلام:

ذكرت تفصيلات عن السفينة وأسماء وأخبار الحيوانات فيها ورحلتها في
أرجاء الأرض حتى وصولها إلى بيت المقدس وطوافها حول الكعبة، وقصة الحمامة
التي عادت إلى السفينة تحمل غصن زيتون بعد انحسار الماء( ).

هذه من الإسرائيليات( ) وما رواه القصّاص( ).

الرد:

تبعد تلك الأخبار القارىء عن العبر من القصة، لتشدّه إلى غرائب وأباطيل
ومفهومات دخيلة، فمن ذلك أن مقولة الحمامة وغصن الزيتون تدخل مفهوماً
غريباً من الإسرائيليات إلى ثقافة الأمة ليصبح نموذجاً نمطياً يستخدمه
مسلمون جهلاً دلالة على السلام والأمن، كذلك فإن أخبار الحيوانات في
السفينة بما تحمل من غرائب مثيرة تعززّ أفكاراً خاطئة تترسخ في العقول
والنفوس.

4- من قصة إبراهيم عليه السلام:

ورد في الكتب خبر ولادته وإخفاء أمه له خشية بطش الذي كفر به، وما جرى
له في الغار من عجائب، ثم هجرته وزوجه إلى مصر هرباً من المجاعة التي حلّت
في أرض فلسطين، وإقامته في بئر سبع، وخبر زوجته مع جبّار من الجبارين في
مصر( ).. هذه أخبار من الإسرائيليات( )، وغرائب القصّاص( ).

الرد:

تدخل أخبار ولادته، عليه السلام، وما جرى له في الغار في أخبار أهل
الحشو المولعين بغرائب الحكايات، التي تبعد القارىء عن كتاب الله، أما
أخبار هجرته إلى مصر هرباً من المجاعة وإقامته في بئر سبع فترتبط بالتفسير
المادي للتاريخ الذي يناقض كون إبراهيم، عليه السلام، نبياً ومرسلاً أمره
الله سبحانه وتعالى أن ينشر رسالته أينما حلّ، صابراً محتسباً، فلم تكن
هجرته طمعاً في كسب مادي، وأما خبره وزوجته مع جبّار من الجبارين فقد ورد
بصورة يساء فيها إليهما( )، والأولى عدم ذكره في أدب الأطفال حتى لا يساء
فهمه عندهم، فالواجب التزام الأدب مع الأنبياء وأهليهم من المؤمنين( ).

5- من قصة يعقوب عليه السلام:

مما ذكر في قصته عليه السلام أنه تحايل مع أمه حتى ينفرد ببركة أبيه إسحاق، عليه السلام، ورضاه، وكان إسحاق يفضّله على ولده عيسو( ).

هذه أخبار من الإسرائيليات( )، أوردها بعض الإخباريين من القصّاص( ).

الرد:

هذا من الكذب المستبعد عن نبي مع أبيه، عليهما السلام، يظهر أن بركة
يعقوب، عليه السلام، إنما كانت مأخوذة بخبث وخداع، وحاشا للأنبياء، عليهم
السلام، هذا( ).

6- من قصة موسى عليه السلام:

مما ورد فيها أنه قد أخذ الحكمة والعلوم والكيمياء من المصريين القدماء( ) .

هذا قد يشوبه شيء من الإسرائيليات( )، وأخبار القصّاص قديماً وحديثاً( ).

الرد:

يشتمّ من الخبر، والمجازفة في ذكره، الانتقاص من نبوة موسى، عليه
السلام، ورسالته ومن أهمية الوحي، ليصبح عليه السلام عظيماً من العظماء قد
أتي من هذه الأمور مما أخذ من علوم المصريين القدماء.

ولعل هـذا يرتبط بمقولـة فاسـدة باطلة تفـيد أنه عليه السلام نشأ في ظل
الوحدانية، التي زُعم أن أخناتون دعا إليها، وقد روّج لهذه المقولـة
الخبيثة «سيجموند فرويد» ( ) أحد دارسي النفس الإنسانية، وهو يهودي الأصل.

7- من قصة سليمان عليه السلام:

وردت أخبار كثيرة من الإسرائيليات وحكايات القصّاص عن سليمان، عليه
السلام، في كتب الأطفال، ومما ذكر منها أنه كان له بساط تحمله الرياح أين
شاء، وأنه أقام هيكلاً يقدس فيه الرب قد أنفق في سبيله الأموال الطائلة( ).
إن حكاية بساط الريح هي من أخبار القصّاص( )، وأما خبر بناء الهيكل فهو من
الإسرائيليات( ).

الرد:

يعتبر خبر بساط الريح من أخبار الحكايات التي تبعد القارىء عن حقيقة
تسخير الله سبحانه وتعالى لسليمان عليه السلام الريح، لتأخذه صوب حكـايات
ألف ليلـة وليلـة، التي تـثير الخيال وتجعل من أخـبار هـذا النبـي المرسـل
حـكايات مثـيرة أشـبه ما تكون بالأسـاطير، بدل بيان قـدرة الله وعظمته
ومعجزاته لرسولـه سليمان، عليه السلام.

في خبر بنائه هيـكلاً وإنفاقه الأمـوال الطائلـة لذلك مجازفة خطيرة
ترتبط بواقـع الأمـة، فإن ذكر مصطلح «هيكل» مؤشر خفي إلى نوايا اليهود في
إعادة بناء ما يزعمون أنه هيكل سليمان عند المسجد الأقصـى، وقد يرى الطفل
هـذا مبرراً لإعادة بناء الهيكل طـالما أنه خبر دوّن في كتاب موجه له عن
أخـبار سـليمان، عليه السلام، في إطـار قصص الأنبياء الواردة أسـاساً في
القرآن الكريـم، وقد غاب عن الكـتاب حـديث صحـيح عن النبـي  فـيه أن
سليمان، عليه السـلام، قد بنى مسجـداً في بيت المقـدس خالصاً لا يأتيه أحد
إلا للصلاة فيه( )، فأين هذا الحديث الصحيح من ذلك الخبر المزعوم من
الإسرائيليات، الذي يبيح لليهود الاعتداء على المسجد الأقصى وديار المسلمين
في فلسطين ؟ !

8- من قصة عيسى عليه السلام:

مما ورد في كتب الأطفـال عن قصـة عيسـى، عـليه السلام، أن يوسف النجار
كان شاباً من شباب اليهود الأتقياء قد خطب مريم، عليها السلام، وأن عيسى،
عليه السلام، تعلم النجارة والقراءة والكتابة وتراتيل المزامير على يد
حاخام من الناصرة، وكانت أمه تقدم له الكتب المقدسة، وأنه قد حوّل الماء
إلى خمر، وأنه لم يقم الحكم على امرأة زنت( ). جلّ هذه الأخبار من
الإسرائيليات( )، قد أوردها بعض الإخباريين والقصّاص( ).

الرد:

إن الخبر المزعوم عن خطبة يوسف النجار من مريم، عليها السلام، يحمل
مجازفة خطيرة، فهو يخالف النص القرآني( ) عن معجزة ولادة عيسى، عليه
السلام، من غير أب، وقد يفضي إلى الشك في هذه المعجزة، وأما خبر تعلمه،
عليه السلام، التجارة وتراتيل المزامير على يد حاخام من اليهود فيثير الشك
في رسالته ومصدر تعلمه، والله تعالى يقول في كتابه العزيز: ((وَإِذْ
عَلَّمْتُكَ ٱلْكِتَـٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإنجِيلَ))
(المائدة:110)، ونعلم أن الكتب المقدسـة التي زعم أن أمه قدمـتها له لا
تعدو إلا أن تكون شروحات للتوراة فيها من التعديل والتحريف أكثر مما أنزل
على موسى عليه السلام.

أما خبر تحويلـه الماء خمراً فهو مدسـوس باطـل، فإنه إقرار منه عليه
السلام بجواز شـرب الخمر، وحاشـا له ذلك، فإنه لم يرسل ليغوي بنـي إسرائيل،
ولا ليحـل لـهم ما يذهب العقل ويؤدي إلى التهلـكة، وأما خـبر عفوه عن
امـرأة أخـذت بالزنا، فإنه يخـالف ما في التوراة والإنجـيل من حـكم في هذه
المسـألة( )، فلا يعقل أن يلغي حكم الزنا، فيتركه يستشري في بني إسرائيل،
وهو الرسول المأمور باتباع ما أمر الله به.

ذلك ما كان من شأن بعض ما ورد في كتب الأطفال عن قصص الأنبياء والرسل.

خلاصة:

نذكر منها: يثير قصص الأنبياء والرسل في أدب الأطفال أموراً:

1- يتم التعامل مع هذا القصص كأنه حكايات طريفة وغريبة أكثر من كونه نماذج قصصية دالة بما يتضمن من عبر.

2- هناك حرص شديد على تغطية الجوانب الزمنية المتسلسلة الخاصة بكل نبي
ورسول، وهذا قد أدى إلى حشد الكتب بالإسرائيليات وأحاديث القصّاص، وإلى
الابتعاد عن منهج القرآن الكريم في هذا الشأن، فهو منهج ملتزم بتقديم
العبر، وليس الاهتمام بسرد الحوادث لمجرد السرد، ففي كل موقف ذكر عبرة
وتوجيه( ).

3- تتمثّل في الإسرائيليات مخاطر، منها أنها تفسد على المسلمين عقيدتهم
لما تتضمن من نفي لعصمة الأنبياء والرسل ولتصويرهم في صور مغايرة للواقع
التاريخي، كما أنها تظهر الإسلام على أنه دين يعنى بترّهات وأباطيل لا أصل
لها، وهذا يفضي إلى صرف الناس عن الغرض الذي أنزل القرآن الكريم من أجله،
هدى ورحمة وهداية ومنهج حياة( )، وإلهاء الناس ودفعهم إلى كتب أهل الكتاب
ليبحثوا عن غرائبها وعجائبها الموضوعة، ويحصل تشويش وتشكيك بالعقيدة، لا
سيما لأولاد الأمة وهم ليسوا مؤهلين عقلياً لمواجهتها والرد عليها ونقدها
نقد العلماء القادرين من أمثال ابن حزم وابن تيمية وابن قيّم الجوزية،
رحمهم الله.

وإلى جانب ذلك فإن الإسرائيليات تدعو المسلمين إلى الإقرار بما في
الكتب المتداولة عند أهل الكتاب، والله عز وجل يحذّرنا مما فيها من اختلاف
وتبديل وتحريف أدى إلى بعدهم عن الصراط المستقيم. إن نشر أخبارها في كتبهم
يدعوهم إلى مطالبة المسلمين بأن يقروا بكل ما ورد فيها، طالما أن المسلمين
قد اعتمدوا على بعض منها وهم يكتبون عن قصص الأنبياء، وهكذا يؤتى
المسلمون من جهة إيمانهم بأن القرآن الكريـم مصدّق لما سبقه من الكتب
السماوية( )، ومن المعلوم أن الإسـرائيليات كانت فيما مضى في كتب التفسير،
وقد سعى علماؤنا، رحمهم الله، إلى تمييزها وبيان خطورتها، وقد أنكروها
واعتبروها إضافات هامشية لم تعط صفة التوثيق، وأطلقوا على مروّجيها لفظ
القصّاص، وليس لفظ المفسرين( ).

ويشهد واقع الأمة مساجلات يقف فيها المسلمون وهم يخوضون مع أهل الكتاب
مدفوعين دفعاً إلى ذلك، ليدافعوا عن الإسلام كأنه متهم يحاول أن يمد يديه
(للآخر) في إطار شعارات الإنسانية والأخوة والمحبة والسلام، وهي شعارات
أريد بها باطلاً، كون (الآخر) يستخدم أسلحته الثقافية المتعددة ليضعف
المسلمين ويزيل عن الطريق حقيقة تعامل الإسلام مع أهل الكتاب وغيرهم من
أصحاب الملل في إطار ما يعرف بأحكام أهل الذمة، وهي أحكام تضبط حركة
المسلمين في تفاعلهم وتعاملهم مع (الآخر)، ولكننا لا نسمع عنها في تلك
المساجلات القائمة هنا وهناك واللقاءآت بين المسلمين و(الآخر)، في حين نسمع
عن نصوص تلوى أعناقها وأحكام هشة للتعامل مع (الآخر) حتى يتم تدجين
المسـلمين وفق ما يخطط له (الآخر): (( وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ ٱلْيَهُودُ
وَلاَ ٱلنَّصَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)) (البقرة:120)..
واتباع أهوائهم فيه تهديد ووعيد شديد للأمة( )، وهم ماضون في خططهم:
((وَدَّ كَثِيرٌ مّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِن بَعْدِ
إِيمَـٰنِكُمْ كُفَّارًا)) (البقرة: 109)، وهـنا يحذّر تعـالى عباده
المؤمـنين من سـلوك طريق الكفار من أهل الكتاب، ويعلّمهم بعداوتهم لهم في
الباطن والظاهر، وما هم مشتملون عليه من الحسد للمؤمنين( ).

لقد كره علمـاء الأمة رواية الإسـرائيليات المأخـوذة من صحف لا يوثق
بها ولا يعتمد عليها( )، ونستأنس في هذا المقام بقول القرافي، رحمه الله:
«إن تلك الروايات الركيكة زيدت بالأهوية والأغراض، وليست منـزّلة من عند
الله تعالى، بل يسقط الاحتجاج بجميع التوراة، لأن الزيادة والنقصان قد
انفتح، فلا يوثق بشيء بعد ذلك، ويجب اجتناب الجميع خشية أن يكون مما زيد
وهو محرّم»( )، فيتوجب التنبه إلى هذا والامتناع عن الأخذ من الإسرائيليات
دون حجة، حتى لا يفتح الباب واسعاً لدسّ مفتريات وأكاذيب وأباطيل في حق
الأنبياء والرسل، فينتقل هذا بدوره إلى النيل من العقيدة نفسها.

4- يتجاهل كتاب أحاديث النبي  الصحيحة عن الأنبياء والرسل، فهي المصدر
الموثوق الآخر عنهم، بعد كتاب الله سـبحانه وتعـالى، وفيها ما يلقي مزيداً
من الضوء عنهم وما يوضّح مواقف عديدة في حقهم.

إن ابتعاد الكتّاب عن الأخبار الواردة في القرآن الكريم والأحاديث النبوية قد أدى إلى مجازفات لا بد أن يكون أثرها خطيراً على الأمة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://3j2a.mam9.com
 
في أدب الأطفال رؤية الحاضر بصيرة المستقبل » الفصل الثاني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» في أدب الأطفال رؤية الحاضر بصيرة المستقبل » الفصل الثالث
» في أدب الأطفال رؤية الحاضر بصيرة المستقبل » الفصل السادس
» في أدب الأطفال رؤية الحاضر بصيرة المستقبل » الفصل الخامس
» في أدب الأطفال رؤية الحاضر بصيرة المستقبل » الفصل الرابع
» الفصل التاسع: المشاكل النفسية عند الأطفال

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عجئة فلسطين :: المنتديات الاسلاميه :: المنتدى الاسلامي-
انتقل الى: